4840138 – 03
aiu_caritasalex@yahoo.com
القصص
فى صمت كان الرحيل
لن ترويها صاحبتها لأنها بين يدى الله فقد رحلت بعد معاناة مع كل البشر … ماتت بسبب الإصابة بحصاوى المرارة … جراحة سهلة وبسيطة امتنع عن إجرائها الجراحون، فهى بالنسبة لهم ميتة لأنها حاملة لفيروس نقص المناعة البشري.
توفى زوجها إثر إصابة بفيوس نقص المناعة البشري، بعد أن انتقلت اليها العدوى بواسطته. وحين علم أهل زوجها بحاله وبسبب وفاته وعرفوا أن زوجة ابنهم هى أيضاً مصابه، وجهوا لها كل الإتهامات بأنها من نقلت العدوى إليه. فهم يأبون أن يصدقوا العكس؛ وتطاول أهل الزوج عليها بالضرب والإهانة، وحرمانها هى وأولادها الثلاثة من الإرث الشرعي … كان عزاءها الوحيد أن أبناءها لم يكونوا من المتعايشين مع الفيروس، وكانت تنسى كل تعب ومهانة حين ترى أولادها بخير.
لم يقتصر الأمر عند هذا الحد بل أجبروها على الرحيل من البلدة وعلى ترك أولادها، إعتقاداً منهم انها قد تنقل إليهم الإصابة إن عاشوا معها.
وبالفعل رحلت إلى مكان آخر وصارت غريبة وحيدة، فها هو ولدها أجبره عمه على ترك المدرسة ليعمل ميكانيكياً معه، فكيف لهم أن يطعموه دون مقابل!! وعملت إحدى ابنتيها سائقة على “توك توك” حتى تستطيع كسب عيشها … وإكتملت المأساة عندما أُصيبت الإبنة فى حادث جعلها غير قادرة على العمل.
أما الإبنة الأخرى سرعان ما طلقت بعد زواج قصير عندما علم زوجها أن أمها متعايشة مع فيروس نقص المناعة البشري …!
حاولت الأم أن تبدأ حياتها الجدية بمشقة وعناء، فلا أهل ولا زوج ولا ولد تأنس له. فى المكان الجديد لاحقها أهل الزوج المتوفى يحكون عنها ويقذفونها بالكلام الجارح، مما دفع أهل البلدة التى أوت إليها إلى محاربتها وحرق ملابسها، وكأنها وباء يريدون التخلص منه!
لم يكن أهل القرية فقط هم القضاة الذين أدانوها، بل أن بعض رجال الدين فى القرية ممن كانوا يمنون عليها بالمال، عندما علموا بمرضها، منعوا عنها كل صدقة توجه لها! … أى جرم ارتكبت حتى تُعَامل بهذه الطريقة؟ أى خطية فعلت حتى تدان من الجميع وتلقى كل هذا العقاب؟ … فقط اسم مرضها، والفيروس الذى تحمله هو تهمتها وإدانتها وذنبها، رغم انها كانت فى علاقة زواج أحلها الله! لقد كانت زوجة لرجل واحد، لم تعرف غيره! لم تقتصر القسوة فقط على هؤلاء بل امتدت أيضاً إلى الأطباء الذين طلبت منهم مساعدتها لإجراء عملية جراحية، ولكن ضمير هذه المرأه منعها من أن تخفى تعايشها عن الأطباء حتى يأخذوا احتياطاتهم؛ لكنهم جميعاً رفضوا إجراء الجراحة لها، والسبب انها مصابة بالإيدز، وانها “ميتة … ميتة”!
وبالفعل ماتت المرأه نتيجة حصوة في المرارة! ولم يكن هذا هو السبب الحقيقى وراء وفاتها، بل بالأحق نتيجة قسوة وإدانة الجميع لها وعدم رحمتهم بها. رحلت عن عالم طالما ذاقت فيه الكثير من الآلام، إلى ذاك الذى وحده يخفف الآلام …!